الكرد لايمتلكون داراً للأزياء

من طرف **HOGIR** الأربعاء يونيو 20, 2007 3:46 am

الكرد لايمتلكون داراً للأزياء 80755195a1

طارق كاريزي

لا جدل في كون الازياء الشعبية الكردية وبالذات الزي النسوي الكردي يعد من الازياء الجميلة والمثيرة والمدهشة وتثير اعجاب كل من يشاهدها, واستناداً لاقوال وابحاث السيدة ملوك وكيلي (كردية من ايران ومتخصصة بعالم الازياء ولها دار خاص بالازياء في طهران), فان الشعب الكردي هو اغنى شعوب المعمورة من ناحية الازياء, فقد توصلت هذه السيدة من خلال ابحاثها الميدانية والنظرية الى تشخيص اكثر من (185) نوعاً من الازياء الكردية النسائية والرجالية من مختلف مناطق واقاليم كردستان بما فيها خمسة انواع من الازياء الميدية, وتعلل السيدة ملوك وكيلي هذا الغنى من ناحية الازياء والملابس بكون الشعب الكردي هو الاغنى حضارة ومدنية بين الشعوب الاخرى وله تاريخ عتيد يمتد لآلاف السنين, فمن وجهة نظرها, الازياء تعبر عن الحضارة والمدنية وقد الفت كتاباً بعدة اجزاء باللغة الفارسية عن عالم الازياء الكردية.

ومن المفارقة ان لا يمتلك الشعب الكردي حتى هذه اللحظة داراً للأزياء, والشيء الوحيد الذي حافظ على ابقاء وديمومة قسم من التراث الكردي في مجال الملابس والازياء الشعبية هو الحرص الشعبي على ذلك واستمرار قطاعات واسعة من الشعب الكردي في ارتداء ملابس الاباء والاجداد, الى جانب ذلك فقد تعرضت الازياء والملابس الشعبية الكردية الى ثلاث هجمات شرسة كادت ان تنهي الجزء الاعظم منه, ففي كردستان الشمالية (الاقليم الكردي التركي) تعرضت الازياء الشعبية الكردية الى جانب ازياء بقية شعوب وتكوينات الدولة التركية الى موجة التحديث والعصرنة التي قادها مصطفى كمال اتاتورك والتي فرضت الازياء الحديثة ذات الطابع الاوروبي على جميع سكان الدولة التركية وحاربت بشكل علني الازياء الشعبية لعموم السكان, نفس المشهد حصل في ايران ايام تولي رضا خان البهلوي (لعرش الشاهنشاهي, حيث كان رضا خان مثل اتاتورك مولعاً بالعصرنة ومندهشاً بانجازات الغرب وحاول فرض النمط الغربي للحياة في مختلف مجالات حياة الايرانيين ومحاولة انهاء القديم والتراثي لدى الشعوب الايرانية ومن ضمنهم الكرد الايرانيين, وحملات الانفال التي نفذتها السلطات الدكتاتورية في ثمانينات القرن الماضي في كردستان الجنوبية, مسحت الريف الكردي من الوجود ولكون سكان الريف هم الابعد عن التأثيرات الحديثة في مجال الازياء والملابس, فمع زوال القرى الكردستانية تراجع حضور الازياء الشعبية الكردية تزامناً مع النزوح الجماعي لابناء القرى الناجين من جحيم الانفال الى المدن والقصبات الكردستانية.

فالاحداث الثلاثة التي اشرنا لها في الاقاليم الكردية التابعة لتركيا وايران والعراق ممثلة بالعصرنة الاتاتوركية والعصرنة الرضاخانية وحملات الانفال الصدامية, قد شكلت اكبر ضربة وجهت لعالم الازياء والملابس الشعبية الكردية, واخذ ارتداء هذه الملابس ينحسر يوماً بعد آخر وهو في طريقه الى الفناء والتلاشي بشكل تدريجي.

ونظرا لكون الازياء والملابس الشعبية الكردية ارثاً حضارياً وتراثاً انسانياً, فالواجب الحضاري يحتم المحافظة عليه وتطويره ومن ثم السعي لملائمته مع العصر, وقد المحنا الى ان الشعب الكردي لايمتلك للاسف حتى هذه اللحظة دارا للازياء الكردية او الكردستانية, وهذا الامر يعد تقصيراً كبيراً يجب معالجته على ان يبادر المعنيين (اشخاص ومؤسسات) العمل وان يبذلوا الجهود الواجبة من أجل تأسيس دار للازياء الكردية في كردستان.

سيدة كردية تدعى دلكش مراد (اصلها من بلدة حلبجة وتقيم الان في لندن) قد بادرت بأقامة عرض للازياء الكردية نهاية العام الماضي في العاصمة البريطانية مقدمة العشرات من انماط الازياء الكردية وقامت بعرض هذه الازياء على شبكة الانترنيت على العنوان التالي www.dellalondon.co.uk) ) هذه السيدة تحاول تطوير مهاراتها التصميمية في مجال الازياء الكردية وقد جذبت الانظار بشكل ملحوظ من خلال العرض الذي اقامته وهي الان بصدد ترويج وتسويق الازياء الكردية على مستوى دولي.

وفي الختام يمكن القول بان الازياء الكردية تتمييز بثراء وتنوع لا نضير له عند الشعوب الاخرى, وقد مارس الكرد حياكة ونسج الملابس بأنفسهم وتنوعت ازيائهم طبقاً لمناطقهم الواسعة التي تفصل بعضها عن البعض الجبال الشاهقة والوديان السحيقة والانهار الجارية, وقد اشار الرحالة والمستشرقون بتفصيل الى الازياء الكردية, وهي من التنوع والثراء على مستوى التفصال والألوان والتشكيلات بحيث توفر ارضاً خصبة لأي مصمم ازياء موهوب, لذا تأسيس دار او لنقل عدة دور للازياء الكردية مسألة حضارية ملحة ياليت المعنيين يقومون بذلك خدمة للتراث الانساني ولأرث الشعب الكردي.