.. معرض الأزياء والتراث الكردي بأربيل..

أغمريني بشعرك المنساب كوشاح على قوامك الممشوق، وابهريني بثوبك البرّاق زاهياً كألوان طيف على سفح يموج، استقيت من الطبيعة مباهجاً، فدان بريقها سحراً بهيجاً، لآلئاً ترصع بها الخصر تباهيا، والغنج يليق بك والرقص، فاذا كان للربيع كل عام طلة، فان زيّك في كل الفصول ربيع

بدعوة رسمية من وزارة الثقافة في اقليم كردستان وبالتعاون مع مديرية التراث الكردي، أقامت مصممة الأزياء الكردية الآنسة (ملوك وكيلي) معرضا للأزياء والملبوسات الفلكلورية الكردية، وذلك على قاعة ميديا في العاصمة أربيل ليومي 3و4/نيسان/2005 بحضور سامي شورش وزير الثقافة وجمع غفير من جماهير المدينة ونخبة من المثقفين والمهتمين بالتراث الفلكلوري الكردي، وتضمن المعرض نماذج جميلة من الأزياء الكردية المتداولة في جميع أجزاء كردستان، وقد استلهمت المصممة أفكارها من خلال الأبحاث التي قامت بها وتقصيها في المصادر التاريخية للشعب الكردي، فضلا عن أبحاثها الميدانية في المدن والقصبات والقرى الكردية في كردستان ايران وتركيا وسوريا والعراق..

وبغية تسليط الضوء على فكرة اقامة المعرض كان لنا هذا اللقاء مع مصممة الأزياء الكردية التي عرفتنا على نفسها وقالت:

- أنا (ملوك وكيلي) من سكنة مدينة (سقز) في كردستان ايران، كرست جل اهتمامي ومنذ زمن ليس بالقصير في التحقيق حول الملبوسات والأزياء الكردية منذ العهد (المادي) والعصور التاريخية القديمة لشعبنا الكردي، وتمكنت من الحصول على نماذج أولية لتلك الأزياء من خلال ما تركتها الحضارات السابقة من رسوم وأطلال ونقوش، وبعدها قمت بمقارنتها مع الأزياء الكردية الحالية في جميع المحافظات الايرانية والمدن الكردستانية الأخرى، وتمكنت على ضوء أبحاثي من التعرف على أكثر من (160) نوعاً وتصميماً لتلك الأزياء، فقمت بعد ذلك باعادة تصميمها وخياطة القسم الأكبر منها، وخلال بحثي حددت لكل نوع وزي اسلوب التصميم وكيفية تركيبه وخياطته والفصل الذي يلبس فيه وأي لون من الألوان يتم اختياره، والأعمار التي تقتنيه، وبحثت أيضا عن الأسباب الموضوعية في تفضيل الوان معينة في مدينة ما وتباينها مع مناطق اخرى من كردستان، فمثلا وجدت الألوان الزاهية والفاتحة هي الطابع العام الغالب على ملابس مناطق (هولير، كرمنشاه، نغده، لورستان) بينما نرى في مناطق أخرى من كردستان يغلب عليها اللونان الأصفر والأحمر، وبدوري قمت بتثبيت جميع الاختلافات والمسائل الفنية الأخرى في كتاب لي تحت عنوان (فلسفة الملبوسات والأزياء الكردية وباللغتين الكردية والفارسية..

أما بالنسبة لهذا المعرض فهو الثاني والأربعون على المستوى الشخصي، وهي التجربة الأولى لي في كردستان العراق، فضلا عن مشاركتي في معارض أخرى في جميع أنحاء العالم، وقد حرصت على عرض جميع النماذج التي تعبر عن الأزياء المتداولة في أغلب أجزاء كردستان، فعلى سبيل المثال عرضت نموذجين للزي الكردي للرجل والمرأة من كردستان تركيا ونموذجين من كردستان سوريا، ونموذجين من مناطق خراسان وايلام، ونماذج اخرى من مناطق سقز، تيله كو، سنه، تالش، بانه، قوره وبيجار، قصر شيرين، زياني، مريوان، بيرانشهر، بوكان، مهاباد، سردشت، كرماشان، بالاضافة الى النماذج المتداولة في كردستان العراق، مثل، هولير، كركوك، السليمانية، مناطق بهدينان، هورمان، دزيي، بتعبير آخر توفقت في أحتواء جميع الأزياء الكردية المتداولة قديما وحديثا، ومن خلال أبحاثي توصلت الى بعض الحقائق والتعليلات في طبيعة الألوان البراقة والزاهية واشكال الحلي والأكسسوارات التي تقتنيها المرأة الكردية، فوجدت بأن للطبيعة الخلابة في كردستان والمناخ والنباتات والأزهار المختلفة الأشكال والألوان بأنَّ لها أنعكاساً مباشراً على شكل ولون الأزياء الكردية، والتي تركت تلك البصمات الجميلة بشكل جلي عليها، وأكسبتها كل تلك الجمالية من الطبيعة المحيطة بالمدن والمناطق الكردستانية، بالاضافة الى التأثيرات الأخرى، كالمنطقة الجغرافية والعادات والتقاليد المتوارثة، واختلاف الفصول..

وفي سؤال أخير للصوت الآخر حول فيما لو فكرت الآنسة (وكيلي) بأستخدام نماذجها على نطاق تجاري، أجابت:

- بصراحة، لو قمت باستغلال معروضاتي على نطاق تجاري، ساشعر بأن الجهد الفني وقيمته الاعتبارية سيذهبان أدراج الرياح أي ان معروضاتي ستفقد شخصيتها، لذلك فأنا دائما أركز على المضمون الفني للمعروضات وصيانة الطابع الفلكلوري فيها، وصدقني لو فكرت بالجانب التجاري من الموضوع لأصبحت الآن مليونيرة، بالرغم من العروض الكثيرة التي طرحت عليّ، لكني رفضت وآثرت أن أحافظ على المضمون الفني لمعروضاتي، وهذا لايعني أن أغلق الباب أمام المهتمين بهذا التراث، بل أرحب بكل من يريد التعرف على الجوانب الفنية والمسائل التكنيكية في كيفية التصميم والخياطة، وتقليد أي نموذج يرغب به، وهي مسألة طبيعية، فعلى سبيل المثال أنا من منطقة (سقز) أرغب بارتداء زي من مناطق كردية أخرى لكسر حالة المألوف..

- وفي الختام اشكر جميع من دعوني لاقامة هذا المعرض في مدينة أربيل وأتمنى اقامة معارض أخرى في مدن كردستان العراق الأخرى كي يتسنى للجميع التمتع بمشاهدة تراثهم وفلكلورهم الأصيل..